دائرة الحلم والعواصف
رائحة البصل غادر البيت صباحا.. الصقيع يجمد الأطراف .. الزفير يصبح بخارا يتصاعد في الهواء .. روائح القهوة المحمصة تملأ خياشيمه وتفتح عينيه .. حتى القهوة لم يعد يستطيع الحصول عليها ، فأصبح يفطر على وريقات الليمون المغلاة ، أفكار كثيرة تجول في رأسه ، لقد طرق كل الأبواب بحثا عن عمل ، ولكنها جميعا سدت في وجهه ، الجوع يهدده ويهدد عياله .. يداه في جيبيه الممزقين تعبثان بالثقوب ، ورجلاه تجران خفا مهترئا أطلت منه أصابع قدميه . وحين لفظته الشوارع عاد إلى البيت ، وأي شيء في البيت غير زوجة سليطة اللسان تصب عليه أقبح الألفاظ وهي تتهمه بالكسل والخمول وعدم الجد في البحث عن العمل .. أطفاله مشردون في الشوارع لا يدخلون البيت إلا للنوم ، حتى القوت أصبحوا يحصلون عليه بوسائلهم الخاصة ، بعد أن يئسوا من هذا البيت الذي لا يطعمهم من جوع ولا يؤمنهم من مرض، والشمس في إضراب دائم عن زيارة بيتهم الذي هو أشبه بقبو. ولفظه البيت هو الآخر بعد أن تناول قطعة خبز وحبة بصل فعاد يتسكع في الأزقة والطرقات ، وقد أصبح التسكع جزءا من ذاته ، بعد أن سرح من عمله بمصنع النسيج ، لأن صاحب المصنع ، طرده بمجرد أن اعتلت صحته ، فال
تعليقات
إرسال تعليق